فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {شُرَكَاءَ الجنَّ} الجمهور على نصب {الجِنَّ} وفيه خمسة أوجه:
أحدها: وهو الظاهر أن الجِنَّ هن المفعول الأوَّل.
والثاني: هو {شركاء} قدم، و{لله} متعلّق بـ {شركاء}، والجَعْلُ هنا بمعنى التَّصْيير، وفائدة التقديرم كما قال الزمخشري اسْتِعْظَامُ أن يتخذ لله شريك من كان ملكًا أو جنيًا أو إنسيَّا، ولذلك قد مسام الله- تبارك وتعالى- على الشُّركاء انتهى.
ومعنى كونهم جعلوا الجنَّ شركاء لله هو أنهم يَعْتَقِدُونَ أنَّهُمْ يخلقون من المضارِّ والحيَّات والسباع، كما جاء في التفسير.
وقيل: ثمَّ طائفة من الملائكة يُسَمَّوْنَ الجن كان بعض العرب يَعْبُدُهَا.
الثاني: أن يكون {شركاء} مفعولًا أوَّل، و{لله} مُتعلِّق بمحذوف على أنه المفعول الثاني، و{الجن} بدلٌ من {شركاء} أجاز ذلك الزمخشري، وابن عطية، والحوفي، وأبو البقاء، ومكي بن أبي طالب إلا أن مكيَّا لما ذكر هذا الوَجْهَ جعل اللام من {لله} مُتعلِّقةً بجعل فإنه قال: الجنّ مفعول أوَّل لجَعَلَ و{شركاء} مفعول ثانٍ مقدم، واللام في {لله} متعلّقة بـ {شركاء} وإن شِئْتَ جَعَلْتَ {شركاء} مفعولًا أوّل، و{الجن} بدلًا من {شركاء} و{لله} في موضع المفعول الثاني، واللام متعلقة بجعل.
قال شهاب الدين: بعد أن جعل {لله} مفعولًا ثانيًا كيف يُتَصَوَّرُ أن يجعل اللام متعلقة بالجعل؟ هذا ما لا يجوز لأنه لما صار مفعولًا ثانيًا تعيَّن تعلُّقُهُ بمحذوف عل ما عرفته غير مَرَّة.
قال أبو حيَّان: ومَا أجَازُوهُ- يعني الزمخشري وممن معه- لا يجوز؛ لأنه يصح ببلدل أن يحل مَحضلّ المبدل منه، فيكون الكلام منتظمًا لو قلت: وجعلوا لله الجِنَّ لم يصح، وشرط البَدَلِ أن يكون على نِيَّةِ تَكْرَارِ العامل على أشهر القولين، أو معمولًا للعامل في المبدل منه على قول، وهذا لا يَصِحُّ هنا ألبتة لما ذكرنا.
قال شهاب الدين: رحمه الله تعالى- هذا القول المنسوب للزمخشري، ومن ذكر معه سبقهم إليه الفرَّاء وأبو إسحاق، فإنهما أجَاظَ أن يكونا مفعولين قدم ثانيهما على الأوَّلِن وأجازوا أن يكون {الجنَّ} بدلًا من الشركاء ومفسرًا للشركاء هذا نَصّ عبارتهم، وهو معنى صحيح أعني كون البَدَلِ مفسرًا، فلا معنى رد هذا القول، وأيضًا فقد رَدّ على الزمخشري عند قوله تعالى: {إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعبدوا} [المائدة: 117] فإنه لا يلزم في كل بدلٍ أن يحل محل المبدل منه، قال: ألا ترى إلى تَجْويز النحويين زيدت مررت به أبي عبد الله ولو قلت: زيدت مررت بأبي عبد الله لم يجز إلاَّ على رَأي الأخفش، وقد سبق هذا في المائدة فقد قرَّر هو أنه لا يلزمُ حُلُول البدل مَحَلّ المبدل منه، فكيف يَرُدُّ به هنا؟
الثالث: أن يكون {شركاء} هو المَفْعُول الأوّل، و{الجن} هو المفعول الثاني قاله الحوفي، وهذا لا يَصِحُّ لِمَا عَرَفْتَ أنَّ الأوَّل في هذا الباب مبتدأ في الأصل، والثاني خبر في الأصل، وتقرَّرَ أنه إذا اجتمع مَعْرِفَةٌ ونكرة جَعَلْتَ المعرفة مبتدأ، والنكرة خبرًا من غير عكس، إلا في ضرورة تقدَّم التَّنْبِيهُ على الوارد منها.
الرابع: أن يكون {شركاء الجن} مفعولين على ما تقدَّم بيانه، و{لله} متعلق بمحذوف على أنه حالٌ من {شركاء}؛ لأنه لو تأخَّرَ عنها لجاز أن يكون صفة لها قاله أبو البقاء، وهذا لا يَصِحُّح؛ لأنه يصير المعنى: جعلوهم شركاء في حال كَوْنِهِم لله، أي: مملوكين، وهذه حالٌ لازمة لا تَنْفَكُّ، ولا يجوز أن يقال: إنها غير منتقلة؛ لأنها مؤكدة؛ إذا لا تأكيد فيها هنا، وأيضًا فإن فيه تَهْيِئَةَ العامل في معمول وقطعه عنه، فإن {شركاء} يطلب هذا الجارّ يعلمل فيه، والمعنى مُنْصَبُّ على ذلك.
الخامس: أن يكون {الجنَّ} مَنْصُوبًا بفعل مضمر جواب لسؤال مقدر، كأن سائلًا سألَ، فقال بعد قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ}: مَنْ جعلوا لله شركاء؟ فقيل: الجنّ، أي: جعلوا الجِن.
نقله أبو حيَّان عن شيخه أبي جعفر بن الزبير، وجعله أحسن مما تقدم؛ قال: ويؤيد ذلك قراءة أبي حيوة، ويزيد بن قطيب {الجنُّ} رفعًا على تقدير: هم الجنّ جوابًا لمن قال: جعلوا لله شركاء؟ فقيل: هم الجنُّ، ويكون ذلك على سبيل الاسْتِعْظَامِ لما فعلوه، والاسْتِنْقَاصِ بمن جعلوه شَرِيكًا لله تعالى.
وقال مكي: وأجاز الكِسَائِيُّ رفع {الجنّ} على معنى هم الجنّ.
فلم يَرْوِها عنه قراءة، وكأنه لم يَطَّلِعْ على أن غيره قرأها كذلك.
وقرأ شعيب بن أبي حمزة، ويزيد بن قطيب، وأبو حيوة في رواية عنهما أيضًا {شركاء الجنِّ} بخفض {الجنّ}.
قال الزَّمَخْشريّ: وقرئ بالجر على الإضافة التي للتَّبْيينِ، فالمعنى: أشركوهم في عبادتهم؛ لأنهم أطَاعُوهُمْ كما أطاعوا الله.
قال أبو حيَّان: ولا يتَّضِحُ معنى هذه القراءة؛ إذا التقدير: وجعلوا شركاء الجن لله.
قال شهاب الدين: مَعْنَاها واضح بما فَسَّرَهُ الزمخشري في قوله، والمعنى: أشْرَكوهم في عبادتهم إلى آخرن، ولذلك سمَّاها إضافة تبيين أي أنه بين الشركاء، كأنه قيل: الشركاء المطعيين للجن.
قوله: {وخَلَقَهُمْ}.
الجمهور على {خَلَقَهُمْ} بفتح اللام فعلًا ماضيًا، وفي هذه الجملة احتمالان:
أحدهما: أنه حالية ف قد مضمرة عند قوم، وغيرم ضمرة عند آخرين.
والثاني: أنها مُسْتَانَفَةٌ لا محلَّ لها، والضمير في {خلقهم} فيه وجهان:
أحدهما: أنه يعود على الجاعلين، أي: جعلوا له شركاء مع أنه خلقهم وأوجدهم منفردًا بذلك من غيرم شاركة له في خَلْقِهِم، فكيف يشركون به غيره ممن لا تَأثيرَ له من خلقهم؟
والثاني: أنه يعود على الجنِّ، أي: والحال أنه خلق الشركاء، فكيف يجعلون مخلوقه شريكًا له؟
وقرأ يحيى بن يعمر: {وخَلْقهم} بسكون اللام.
قال أبو حيان رحمه الله: وكذا في مصحف عبد الله.
قال شهاب الدين: قوله: وكذا في مصحف عبد الله فيه نظرٌ من حيث إن الشَّكْلَ الاصطلاحي أعني ما يدل على الحَركَاتِ الثلاث، وما يَدُلُّ على السكون كالجزء منه كانت حيث مصاحب السلف منها مجردة، والضبط الموجودة بين أيدينا اليوم أمر حادث، يقال: إن أوَّل من أحدثه يحيى بن يَعْمُر، فكيف يُنْسَبُ ذلك لِمُصْحَفِ عبد الله بن مسعود؟
وفي هذه القراءة تأويلان:
أحدهما: أن يكون {خَلْقهم} مصدرًا بمعنى اختلاقهم.
قال الزمخشري: أي اختلاقهم للإفْكِ، يعني: وجعلوا لله خَلْقَهم حيث نسبوا قبائحهم إلى الله في قولهم: {واللَّهُ أمَرَنَا بِهَا} انتهى.
فيكون {لله} هو المفعول الثاني قُدِّمَ على الأول.
والتأويل الثاني: أن يكون {خَلْقهم} مَصْدرًا بمعنى مخلوقهم، فيكون عَطْفًا على {الجنّ} ومعفوله الثاني محذوف، تقديره: وجعلوا مخلوقهم وهو ما يَنْحِتُونض من الأصنام كقوله تعالى: {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ} [الصافات: 59] شركاء لله تعالى.
قوله تعالى: {وخَرَقُوا} قرأ الجمهور {خَرَقُوا} بتخفيف الراء، ونافع بتشديدها.
وقرأ ابن عباس بالحاء المهملة والفاء وتخفيف الراء، وابن عمر كذلك أيضًا، إلا أنه شدَّدَ الراء، والتخفيف في قراءة الجماعة بمعنى الاخْتِلاق.
قال الفراء: يال: خَلَقَ الإفْكَ وخَرَقَهُ واخْتَلَقَهُ وافتَرَاهُ وافتَعَلَهُ وخَرَصَهُ بمعنى كذب فيه.
والتشديد للتكثير، لأن القائلين بذلك خَلْقٌ كثير وجَمٌّ غفير.
وقيل: هما لغتان، والتخفيف هو الأصل وحكى الزمخشري أنه سئل الحسن عن هذه الكلمة، فقالك كملة عربية كانت العربُ تقولها كان الرجل إذا كذب كذْبَةً في نادي القوم يقُولُ له بعضهم: شقد خرقها والله أعلم.
وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون من خَرْقِ الثوب إذا شقّه، أي: اشتقوا له بَنِينَ وبناتٍ.
وأما قراءة الحاء المهملة فمعناها التَّزْوير، أي: زَوَّرُوا له أولادًا؛ لأنه المُزَوِّرَ مُحَرِّفٌ ومُغَيِّرُ الحق إلى الباطل.
وقوله: {بِغَيْرِ عِلمٍ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه نَعْتٌ لمصدر محذوف؛ أي: خَرَقُوا له خَرْقًا بغير علمٍ قاله أبو البقاء، وهو ضعيف المعنى.
الثاني: وهو الأحسن: أن يكون منصوبًا على الحال من فاعل {خَرَقوا} أي: افتلعوا الكذب مُصَاحبين للجهل وهو عدم العلم كقول اليهود {عُزَيْرٌ ابن الله} [التوبة: 30] وقول النصارى: {المسيح ابن الله} [التوبة: 30] وقول كُفَّار العرب: الملائكة بَنَاتُ الله، ثم إنه تبارك وتعالى نَزَّهُ نفسه، فقال: {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَصِفُونَ}. اهـ. باختصار.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {وما قدروا الله حق قدره} حين أنكروا إنزال الكتب والبعثة على أنهم لو اعترفوا بذلك أيضًا لم يعرفوه حق معرفته لأن المحاط لا يحيط بالمحيط. نعم تزداد معرفته بازدياد معرفة أوصافه {تجعلونه قراطيس} أي في القراطيس، وما يجعلونه في قلوبهم بالتخلق بأخلاقه {وعلمتم} بتعليم محمد صلى الله عليه وسلم {ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} كقوله: {ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون} [البقرة: 151] ومن الحكمة ما هو سره الذي يكون تعليمه بسر المتابعة سرًا بسر وإضمارًا بإضمار، والذي علم النبي هو الله وعلى الخواص بأن يهديهم إلى ربهم، وعلى خواص الخواص بأن يوصلهم إلى ربهم ويخلقهم بأخلاقه، وفي كتاب المحبوب شفاء لما في القلوب {مصدق الذي بين يديه} لأنه يصدق حقائق جميع ما في الكتب {ولتنذر أم القرى} وهي الذرة المودعة في القلب التي هي المخاطب في الميثاق وقد دحيت جميع أرض القلب من تحتها {ومن حولها} من الجوارح والأعضاء والسمع والبصر والفؤاد والصفات والأخلاق بأن يتنوّروا بأنواره وينتفعوا بأسراره ويتخلقوا بأخلاقه. {والذين يؤمنون بالآخرة} فيستعملون الأدوات والآلات في أمور الدنيا والآخرة لا في الدنيا الفانية وشهوات النفس وهواها {يؤمنون} بالقرآن {وهم على صلاتهم} بالترقي في صفاتهم إلى التخلق بأخلاق القرآن يداومون، فإن الصلاة معراج المؤمن {ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا} بإظهار المواجد والحالات رياء ومراء من غير أن يكون له منها نصيب، {أو قال أوحي إليّ} الإشارات ولم يلهم نفسه شيئًا منها، ومن قال متشدّقًا متفيهقًا سأتكلم بمثل كلام الله من الحقائق والأسرار فتظهر مضرة ظلمة وافترائه عند سكرات الموت، وانقطاع تعلق الروح عن البدن، وإخراج النفس عن القالب كرهًا لتعلقها بالشهوات واللذات وطلب الرياسات، ويكون شدة النزع والهوان بحسب التعلقات {ولقد جئتمونا فرادى} عن الدنيا وما يتعلق بها، أو فرادى عن تعلقات الكونين {كما خلقناكم أوّل مرة} في أوّل خلقة الروح قبل تعلقه بالقالب. {وتركتم} بالتجريد عن الدنيا وبالتفريد عن الدنيا والآخرة {ما خولناكم} من تعلق الكونين {وراء ظهوركم وما نرى معكم} الأعمال والأحوال التي ظننتم أنها توصلكم إلى الله: {لقد تقطع بينكم} وبينها عند انتهاء سيركم كما انتهى سير جبريل عند سدرة المنتهى، وحينئذ لا يصل إلى الوحدة إلا بجذبة {ارجعي إلى ربك} [الفجر: 28] ولو لم تدركه الجذبة المسندة إلى العناية لانقطع عن السير في الله بالله ونفى السدرة وهو يقول: {وما منا إلا له مقام معلوم} [الصافات: 164] {إن الله فالق} حبة الذرة التي أخذ منها الميثاق المودعة في حبة القلب عن نبات المحبة، وفالق النوى ذكر لا إله إلا الله في أرض القلب عن شجرة الإيمان، كلمة طيبة كشجرة طيبة يخرج نبات المحبة التي هي من صفات الحي القيوم من الذرة الميتة الإنسانية، ومخرج الأفعال الطبيعية التي هي من صفات الكفار الموتى من المؤمن الحق في الدارين.
وأيضًا يخرج نخل الإيمان الحق من نوى الحروف الميتة في كلمة لا إله إلا الله، ومخرج ميت النفاق من الكلمة الحية وهي لا إله إلا الله: {فالق الإصباح} فالق ظلمة الجمادية بصباح العقل والحياة والرشاد، وفالق ظلمة الجهالة بصباح الفهم والإدراك، وفالق ظلمات العالم الجسماني بتخليص النفس القدسية إلى صحبة عالم الأفلاك، وفالق ظلمات الاشتغال بعالم الممكنات بصباح نور الاستغراق في معرفة مدبر المحدثات والمبدعات. وبالجملة فالق أنوار الروح عن ظلمة ليل البشرية، وجاعل ليل البشرية سترًا عن ضياء شمس الروح ليسكن فيه النفس الحيوانية والأوصاف البشرية {والشمس والقمر حسبانًا} يعني تجلي شمس الروحانية وطلوع قمر القلب بالحساب لئلا يفسد أمر القلب والقالب. وأيضًا تجلى شمس الربوبية وطلوع قمر الروحانية لليل البشرية بالحساب لئلا يفسد أمر الدين والدنيا على العبد بالتفريط والإفراط، فإن إفراط طلوع شموس المعارف والشهود آفة أنا الحق وسبحاني وفي تفريطه آفة أنا ربكم الأعلى وعبادة الهوى. {ذلك تقدير العزيز} الذي لا يهتدى إليه إلا به {العليم} بمن يستحق الاهتداء إليه {وهو الذي جعل لكم النجوم} نجوم أنوار الغيوب في سموات القلوب {لتهتدوا بها في ظلمات} بر البشرية وبحر الروحانية إلى عالم الربوبية. {وهو الذي أنشأ} أرواحكم من روح واحد هو روح محمد صلى الله عليه وسلم: «أول ما خلق الله روحي كما خلق أجسادكم من جسد واحد هو جسد آدم أبي البشر» فمن الأرواح ما تعلق بالأجساد واستقر وما هو بعد مستودع في عالم الأرواح. وأيضًا من الأرواح ما هو مستقر فيه نور صفة الإيمان وما هو مستودع فيه جذبات الحق، ومنها ما هو مستقر في أنانيته مع علو رتبته بالبقاء وما هو مستودع أنانيته بالفناء، وما هو مستقر ببقاء الحق باق وما هو مستودع في بقاء البقاء عن الفناء {قد فصلنا} دلالات الوصول في الوصال {لقوم يفقهون} إشارات القلوب {وهو الذي أنزل} من سماء العناية {ماء} الهداية {فأخرجنا به نبات كل شيء} من أنواع المعارف {فأخرجنا منه خضرًا} طريًا من المعاني والأسرار {يخرج به} من الحقائق ما تركب بعضها بعضها فترتب بعضها على بعض {ومن النخل} يعني أصحاب الولايات {من طلعها} من ثمرات ولايتهم ما هو متدان للطالبين أي منهم من يكون مريئًا فينتفع بثمرات ولايته، ومنهم من يختار العزلة والانقطاع عن المريدين. {وجنات} يريد أرباب الزهد والتقوى والفتوّة الذين لم يبلغوا رتبة الولاية من أعناب الاجتهاد وزيتون الأصول ورمان الفروع {مشتبهًا} أي متفقًا في الأصول والفروع {وغير متشابه} أي مختلفًا فيما بين العلماء {انظروا} إلى ثمر الولايات كيف ينتفع به الخواص والعوام {وينعه} أي الكامل منها. {إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون} بأحوالهم وينتفعون بأموالهم وأحوالهم. {وجعلوا لله} إشارة إلى أنه كما يخرج بماء اللطف من أرض القلوب لأربابها أنواع الكمالات كذلك يخرج بماء القهر من أرض النفوس لأصحابها أنواع الضلالات. اهـ.